آية الله حسيني: الابتلاءات في سبيل الله والمستضعفين مصدر للأجر والكرامة
ألقى آية الله حسيني ممثل الإمام الخامنئي “دام ظله” في العراق، كلمة خلال لقائه مع العوائل النازحة من لبنان في مدينة البصرة، حيث تناول أهمية الصبر والثبات في مواجهة التحديات التي قد تصيب الإنسان خصوصا إذا كانت في سبيل خدمة الدين والدفاع عن المستضعفين والتحرر من الظالمين والمحتلين. وأكد أن هذه المشاكل و الابتلاءات ليست فقط تحديات وإنما مصدر للأجر والثواب من الله، وضرب مثالاً من حياة النبي محمد (صلى الله عليه وآله) الذي تعرض لابتلاءات شديدة منذ ولادته وحتى وفاته. حيث فقد والده عبد الله قبل ولادته، وتوفيت أمه وهو في السادسة من عمره، ثم جده عبد المطلب وهو في الثانية عشرة من عمره، فعاش تحت رعاية عمه الفقير أبي طالب. كما أن الإمام علي (عليه السلام) عاش حياة مليئة بالصعوبات والتحديات.
وأشار السید مجتبى الحسيني إلى أن الهجرة كانت إحدى أكبر التحديات التي واجهها المسلمون الأوائل، حيث أجبروا على مغادرة مكة بسبب اضطهاد المشركين لهم نتيجة لإيمانهم بالله ورسوله. وتابع مشيراً إلى أن التاريخ يعيد نفسه في زمننا الحالي، حيث يعاني المؤمنون والمستضعفون من الاضطهاد والعدوان بسبب إيمانهم. واستشهد بالآية القرآنية: “وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحكيم”، ليؤكد أن الإيمان بالله هو السبب وراء هذه التحديات، وأن ما يواجهه المؤمنون من مشاكل هو جزء من طريقهم نحو القرب من الله.
وأوضح أن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) والمهاجرين تعرضوا للكثير من الأذى حتى بعد هجرتهم إلى المدينة، حيث لم يتوقف المشركون عن محاولات الإيذاء وإشعال الحروب، لدرجة أن المسلمين خاضوا 80 غزوة وسرية خلال عشر سنوات. إلا أن هذه التضحيات أثمرت في نهاية المطاف بتأسيس دولة إسلامية قوية استمرت عبر الزمن. وأضاف: “أنتم اليوم تسيرون على خطى رسول الله (صلى الله عليه وآله)”.
وتابع آية الله حسيني حديثه قائلاً: “يجب ألا نعتقد أن المشاكل التي تحل بنا دليل على أن الله لا يحبنا أو يريد لنا الشر. الله سبحانه رحمان ورحيم، وهذه التحديات هي مقدمة لقوة وعزة لبنان وتحرير الأراضي المقدسة في فلسطين وإزالة الغدة السرطانية المتمثلة بالعدو الصهيوني من قلب العالم الإسلامي”. واستشهد بآية أخرى من القرآن الكريم: “ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه”، ليوضح أن المؤمنين يجب أن يكونوا في حالة مواجهة دائمة مع أعداء الله.
وأشاد في خطابه بدور المقاومة اللبنانية في مواجهة العدو الصهيوني، قائلاً إن العدو كان يخطط للسيطرة على جنوب لبنان، ولولا المقاومة لكان لبنان قد سقط ومن بعده سوريا ومصر والعراق. وأضاف أن تضحيات المقاومين الأبطال حفظت للبنان عزته، وذكر أن الشعب اللبناني يُنظر إليه اليوم كرمز للمقاومة والصمود في العالم.
كما انتقد الدول العربية التي تدور في فلك الولايات المتحدة وتعيش الذل والمهانة، بالرغم من أن قادتها يعيشون في القصور. وأشار إلى أن الله وعد الذين يصبرون ويقاومون الأعداء بأجر عظيم، وأن هذه المقاومة ستكون مقدمة لهزيمة العدو الصهيوني وتحرير الأراضي المحتلة.
في سياق حديثه عن تضامن الشعب العراقي مع لبنان تحدث آية الله الحسيني أيضاً عن زيارته للمناطق المختلفة من لبنان وخاصة جنوب لبنان، حيث التقى بالشعب اللبناني مرات عديدة، كما أعرب عن تقديره للعلاقة التي جمعته بالشهيد السيد حسن نصر الله، قائلاً إنه كان رجلاً عظيماً، مخلصاً و مدافعا عن المستضعفين في العالم، وذا قلب محب للجميع. وذكر أن السيد نصر الله في زمن سقوط صدام كان يولي اهتماماً كبيراً بالعراق وکان یصرف أموالا کبیرة لهم، وها هو الشعب العراقي الآن یفتح ذراعیه للشعب اللبناني ویستقبلهم بالحفاوة والترحاب.
وأشار السید مجتبى الحسيني إلى زيارته لجرحى حادثة “البيجر” في بعض المستشفيات في كربلاء، حيث رأى الاصابات البالغة بين الجرحى، مثل من فقدوا أعينهم أو أصابعهم، إلا أنهم كانوا يتحلون بمعنويات عالية. وأوضح أن هؤلاء الجرحى لم يكونوا بحاجة إلى مواساة بل كانوا يواسونه، وكانوا يرسلون سلامهم للإمام الخامنئي «حفظه الله» ويؤكدون استعدادهم للتضحية مراراً وتكراراً في سبيل المقاومة.
في ختام كلمته، دعا آية الله حسيني المهاجرين اللبنانيين إلى الصمود والإيمان بأن أيامهم في المهجر ليست سوى عبادة وجهد في سبيل الله، معرباً عن أمله بأن تكون هذه الأيام آخر فترات وجود “الغدة السرطانية” في المنطقة، مشيراً إلى أن التضحيات التي قدمت ستتضاعف أجرها من الله.