رسالة سماحة آية الله السيد مجتبى الحسيني، ممثل الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله في العراق، حول الأوضاع الراهنة في المنطقة ومقاومة الشعب الإيراني
رسالة سماحة آية الله السيد مجتبى الحسيني، ممثل الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله في العراق، حول الأوضاع الراهنة في المنطقة ومقاومة الشعب الإيراني
بسم الله الرحمن الرحيم
{يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}
في هذه اللحظة الفارقة والحاسمة من تاريخ الأمّة الإسلامية، نشهد بأم العين أن الوجه الحقيقي المخادع والمزيف لأولئك الذين يدّعون زوراً وبهتاناً أنهم حماة الحضارات ومدّعي حقوق الإنسان قد انكشف وبات واضحاً وجلياً للعيان أمام الجميع. إن الإجراءات الظالمة والتعسفية التي تتخذها بعض القوى العظمى، والتي تتسم بالغطرسة والاستبداد، تدل بوضوح قاطع على مدى ابتعادهم وتخليهم عن القيم الإنسانية النبيلة والأخلاق الحميدة. إن قبح هذا التيار المنحرف والظالم يتجلى يوماً بعد يوم، ويزداد وضوحاً ليس فقط بالنسبة للمسلمين الذين يمثلون قلب العالم الاسلامي، بل أيضاً لجميع الضمائر الحية المستيقظة في مختلف أنحاء العالم، والذين يرفضون الظلم والعدوان.
منذ أمد بعيد، سعت الولايات المتحدة الأمريكية بكل ما أوتيت من قوة، من خلال ممارسة أقصى الضغوط الاقتصادية والسياسية والإعلامية، بهدف حرمان الجمهورية الإسلامية الإيرانية من حقوقها المشروعة والطبيعية التي يكفلها القانون الدولي. كان هدفهم الخفي والعلني هو فرض إرادتهم الباطلة والظالمة، وتقويض وإضعاف محور المقاومة الشريف الذي يدافع عن الحقوق والمقدسات. ومع ذلك، وبفضل صمود الشعب الإيراني الأبي وعزيمته الراسخة وإيمانه القوي، وتصميم المسؤولين في الجمهورية الإسلامية على مواجهة التحديات والصعاب، لم تنجح مؤامراتهم ومكائدهم الخبيثة، بل ارتدت عليهم خائبة. لقد كانت مفاوضاتهم التي بدت في الظاهر وكأنها تسعى إلى تحقيق نتيجة إيجابية ومثمرة، في باطنها تهدف إلى تدمير وسلب حق الشعب الإيراني في التنمية والتقدم، وانتهت بالفشل الذريع والكامل.
وفي أعقاب هذه الإخفاقات المتتالية والهزائم النكراء، لجأت أمريكا إلى الكيان الصهيوني الغاصب، الذي يمثل رأس حربة الشر في المنطقة، والذي يعمل كأداة طيعة في خدمة مصالحها الاستعمارية، ويقوم بالاعتداء على الشعب الإيراني ويقصف منشآته ويقتل قادته ويغتال علمائه ويعرّض حياة الشعب وخصوصا الأطفال والنساء الأبرياء الى الموت بالاستهداف المباشر وغيره.
إيران ستبقى مرفوعة الرأس بعزة وفخر وكرامة وستخرج من هذه الأزمة كما خرجت من أزمات وتحديات متعددة وكبيرة طيلة عمرها، ولم تنحنِ أبداً أو تستسلم أمام الظلم والاستبداد.
إن تصرفات الكيان الصهيوني العدوانية لم تحقق هدفها المنشود، بل على العكس من ذلك، أظهرت وكشفت وجههم القبيح البشع ووجه داعميهم المنافقين أكثر من أي وقت مضى. لقد ثبت الآن بالدليل القاطع أن هذا الكيان وداعميه لا يسعون إلى السلام والاستقرار الحقيقيين في المنطقة، بل يسعون فقط لفرض مطالبهم الباطلة والظالمة بالقوة والإكراه.
من جهة أخرى، أظهرت إيران للعالم أجمع، من خلال تحقيقها للقوة والتقدم والازدهار في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجيا والدفاع، أنها دولة قوية ومؤثرة وفاعلة في المنطقة والعالم. ورغم أنها قد توصف بأنها مظلومة ومضطهدة، إلا أن هذه المظلومية مصحوبة بالعزة والكرامة والاقتدار. لا يمكن لأي قوة في العالم أن تقف في وجه إرادة الشعب الإيراني المسلم الصلبة وعزيمته التي لا تلين.
إن الشعب الإيراني الغيور الأبي، مع كل جريمة وحشية ترتكب بحقه، لا يضعف أو يستسلم، بل على العكس من ذلك، يتوحد ويتماسك أكثر مع بعضه البعض، ويصبح أكثر صلابة وقوة وعزيمة في مواجهة الأحداث والتحديات. إن وقوع المظاهرات الحاشدة والمسيرات المليونية والشعارات المدوية المناهضة للاستكبار العالمي في جميع أنحاء البلاد يؤكد هذه الحقيقة الساطعة.
وإيماناً بالنصر الإلهي المؤزر، نأمل ونتطلع إلى أن تصل الشعوب المظلومة والمقهورة، ومنها الشعب الفلسطيني البطل، إلى الحرية والتحرر والاستقلال الكامل.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.